هل كان هذا كلََّ شيءٍ
أيهُّا القمرُ الحزين
هل هاجرت كلُّ الصّباحاتِ الرَّحيمةِ والمواعيدِ الجديدة
هل فارقت كلُّ البلابلِ عُشّها الغافي على جُرح القصيدة
وخَبا سِراجُ الياسمين
يا أيهّا القمرُ الحزين00
*****
عيناكَ تُبحرُ في رماد الذّّكريات بلا شراع
والليلُ ظِلُّكَ حين تبكي والضَّياع
كأسٌ مباركةٌ تغرِّدُ في بيادركَ الجدِيبة
فتذيبُ وِحشتها وتُمطِرُ روحَك الثّكلى
مواويلاّ و قمحاّ واخضرار
يغُري فؤادك بالجنونِ فيستعيدُ
وبعد هِجرانٍ وَجِيبَه
هذي عيوُن النّرجس البريّ توُمض في من جديد…
ملءَ المروجِ وتستحمُّ بقُبلةِ الفجر النّديّة
وتلفُّ فتنتها وزُُرقةَ حُلمهاالظَّامي بِمِنشَفة النَّسيم المخمليَّة
فتضجُّ في دمها الأنوثةُ بالعبير
وتطيرُ فوق جَناح سُكرته الحرير
من صحارى ذلك اليأس الضّريرِ
إِلى ضِفَاف العَبقريّة
فانهض ومُدَّ إلى شواطئها شراعَك
أيهُّا المهجُور و المصلوُب فوق الذّكريات اليابسة
حرّر أغانيك الحبيسةَ في ضبابِ العُمر
من جُدب الفصول العابسة
كي ترجعَ الأطيارُ للروض المُبرعم بالفتونِ و بالأزاهيرِ الشَّذيّه
ولكي يعرشَ فوق شُبَّاك الهوى المَنسيِّ حلمُ الياسمين
وتعودُ تسكرُ من طِلى عينيكَ …. يابنَ النُّور……. بنتُ الأبجديَّه
******
اللَّيلُ نبعُ عرَائسٍِ خُضرٍ تَهيم بلا قرارِ
وتمدُّ شَركاً من رُعافِ الوجد كالبوحِ الجريء
وكالبروقِ على مُراهِقةِ المرايا
(فَزِعت لحضنِ الأمّ طِفلةُ زنبقٍ
وتكوَّرت بين الوريقات الدَّفيئةِ مثلَ شرنقةِ الحرير
أمّاهُ ضُمّيني إليك فبردُ هذا الليلِ يُؤذيني….و يُرعِشُني
وقلبي مثلَ عُصفورٍ سجينٍ ثارَ في صدري ويُوشكُ أن يطير
أمَّاهُ ذاكَ النجم مدَّ يدينِ من ألقٍ وباركَني وغاب
فاخضلَّ في جسَدي الرَّبيعُ
وزقزقت في كُلّ ركنٍ من مُروجِ براءتي
تلكَ العصافيرُ الجميلة
أمَّاهُ هل تتبسَّمين؟ وتَخُطُّ وجهَكِ دمعةٌ
ويداكِ تَحضُنني وتَعقِدُ في الظَّلام ليَ الجديلة)
******
بسطَ المسَاءُ جَناحهُ للمُتعَبين
وتسلَّقت أنفاسُ عطرِ اللَّيلِ روحي الشَّاردة
لتضيءَ مِجمرةَ انتظاري
ويخطُّ بوحُ بُخورها خيلاً تُسابقُ ظلّها فوق الجدارِ
وصهيلُها كالسُّكرِ يبحرُ في دمي
فأزيحُ أثوابَ الخريفِ الصفرَ عن جسَدي
وأُعلنُ فوق صَهوتِها انتصَاري
وأعودُ أحبو في ذُهول
للكأسِ أحملها برفقٍ وارتيابِ
فيطلُّ وجهُكِ ملءَ صفحتِها..أفيقُ على ندائك
يحتويني في اضطرابِ
ويلمُّ أوراقي وأحزاني وأوردتي وينبتُ في يبابي
*****
لماّ تودِّع برعمَ اللَّوزِ الطّفولةُ ليس يبقى
غيرَ أوراقٍ يحاصرها الخريف
وكذاك طعمُ الحُلمِ إِن شهدَ الصَّباح
وزغردت في روضهِ القدسيِّ شمسُ المهرجان
لاشيءَ يبقى بعد حينٍ غيرُ أكوابٍ مبعثرةٍ
وباقةُ أقحوان
تذوي وتذوي في اكتئاب
صفراءَ يخنقها صقيعُ الانتظار إلى القرار
ويغصُّ مَبسمُها الكليلُ بما تبقّى من نهار
والقلبُ يرقبُ في بريق الدَّمع أضواءَ الغروب
تذوب في الموجِ الغَضُوب
وشراعُهُ النَّائي يدندنُ لحنَ أُغنيةٍ حزينَة
هل كان هذا كلَّ شيءٍ أيُّها القمرُ الحزين
هل هاجرت كلُّ الصَّباحاتِ الرَّحيمةِ والمواعيدِ الجديدة
هل فارقت كلُّ البلابلِ عُشَّها الغافي على جرح ِالقصيدة
وخبا سِراجُ الياسمين
ياأيهُّا القمرُ الحزين
******* عصام حسن في 26/9/2005
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.